تثير وزارة الدفاع في كوبنهاغن، سجالاً سياسياً وحقوقياً بسبب أزمة رفض أركان الجيش الإفراج عن شريط فيديو يظهر “تعاملاً يونانياً عدوانياً مع أحد قوارب اللاجئين، وعلى متنه 25 طالب لجوء”، وفقاً للمشرّعين الذين تسرّب لهم وجود الشريط.
وكان طاقم مروحية دنماركي في مهمة ضمن عمل الوكالة الأوروبية لحماية الحدود، “فرونتيكس”، حين صوّر تعاملاً عدوانياً لطاقم عسكري يوناني مع قارب اللاجئين. وفي نهاية ذلك التصرف العدواني أُعيد اللاجئون إلى الشواطئ التركية في بحر إيجه.
مقرر الشؤون الخارجية في اليسار الدنماركي، سورن سوناغورد، يرى أن رفض الدفاع نشر الفيديو “يشكل إزعاجاً حقيقياً، فليس على المشرعين قراءة الصحف للوقوف على عمليات الإبعاد غير القانونية للاجئين وبشكل عنيف ينتهك القوانين الدولية ويحرمهم حقهم بطلب اللجوء”.
وتعرضت اليونان ووكالة فرونتيكس لانتقادات حقوقية كثيرة بسبب تلك الأساليب المستخدمة على حدود الاتحاد الأوروبي، ويجري حالياً التحقيق في عدد من الخروقات.
وفي سياق التحقيقات الحقوقية الجارية، اعتبرت القوات المسلحة الدنماركية، المشاركة في قوات وسفن وطائرات في فرونتيكس، أن “الإفراج عن الشريط سيضرّ بتعاون الدنمارك مع وكالة حماية حدود أوروبا ودول أخرى”.
هذا التمنع عن حق الوصول إلى المعلومات اعتبره خبير قانوني في شؤون الإعلام في كوبنهاغن، أولف يورغنسون، يحمل “تفسيراً خاطئاً لقانون حق الجمهور في الاطلاع على المعلومات، وخصوصاً حين يتعلق الأمر بانتهاكات لحقوق الإنسان ولاتفاقيات دولية”.
وبحسب ما كشفت عنه صحيفة “يولاندس بوستن”، التي طالبت كغيرها من وسائل الإعلام بالاطلاع على الشريط، فإن الحادثة تعود إلى يوليو/ تموز العام الماضي، في حادثتي مضايقة وتحرش مقصود وعنيف بقوارب مطاطية “وفي إحداها سلّم خفر السواحل اليوناني نحو 25 شخصاً لخفر السواحل الأتراك”.
وبات السجال حول الفيديو، الذي طالبت “فرونتيكس” بعدم نشره، يسمى في الدنمارك “قضية الهليكوبتر” بعد أن بدأ برلمانيون يستدعون وزراء حكومة يسار الوسط لاستجوابات حول “المنع الممنهج”، بحسب ما وصف مسؤول مركز الأبحاث في “مبادرة الاستقرار الأوروبي” جيرالد كناوس. واعتبر كناوس، وفقاً لوكالة الأنباء الدنماركية “ريتزاو” اليوم الأربعاء أنّ “الكل يعلم أن عمليات الصد تجري، لكن رسمياً لا يجب أن يحدث ذلك الصد، ولهذا تحاول فرونتيكس الحد من الانفتاح قدر الإمكان بشأن هذا النوع من الحوادث”.
أحزاب اليسار استدعت وزير الهجرة الدنماركي، ماتياس تيسفايا، بعد الكشف عن وجود الشريط في فبراير/ شباط الماضي، لكن تيسفايا أحال البرلمان على وزيرة الدفاع، ترينا برامسن، رغم أنه المسؤول عن مشاركة الدنمارك في عمليات فرونتيكس سياسياً، وبرامسن مسؤولة قانوناً عن مشاركة الجنود. ولم يبلغ البرلمان الدنماركي بنواحٍ قانونية تتعلق بالتصرف اليوناني، واكتفت وزارة الدفاع في وصف ما جرى بأنه “جرى صد قارب مطاطي حاصرته أمواج عاتية ونفذ حرس السواحل اليوناني مناورة خطيرة لإرجاع القارب، وبالفعل أبلغونا أنهم سلموا ركابه الـ25 للخفر التركي”.
لكن على ما يبدو، إن معلومات الأحزاب البرلمانية، من خلال تسرّب بعض ما جرى، باتت تصرّ على نشر الحادث ليتسنى الاطلاع على المحتوى، الذي طالبت فرونتيكس أيضاً بتسلمه من وزارة الدفاع الدنماركية.
ويثير الحجب قلقاً لدى المشرعين بسبب إصرار الأركان الدنماركية على التعتيم على الحدث، حيث يتسلح هؤلاء بتقارير حقوقية تنتقد منذ أشهر تصرفات حرس الحدود الأوروبيين باستخدام القوة لطرد المهاجرين من المياه اليونانية، وهو ما يعدّه البرلمانيون “انتهاكاً للاتفاقيات الدولية وحق طلب اللجوء”. ورغم تأكيد فرونتيكس أنها تجري تحقيقاً داخلياً في الحادثة، إلا أن قانونيين ومشرعين في كوبنهاغن يصرون على الاطلاع العام على ما يجري “من انتهاكات سرية” في مياه بحر إيجه، وخصوصاً ما وثّقه العسكريون الدنماركيون.
تبرير منع النشر بحجة “الحفاظ على التعاون” يرفضه المشرعون والحقوقيون في كوبنهاغن، وعلى رأسهم الخبير القانوني أولف يورغنسون. كذلك اعتبر الباحث في “مبادرة الاستقرار الأوروبي”، جيرالد كناوس، أن الأمر “غريب بالفعل. ففي أوروبا تخرق قواعد ومبادئ حقوق الإنسان الخاصة بحجة الدفاع عن الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وفرونتيكس تدرك ذلك، فيما الكثيرون يحاولون التظاهر بعدم حدوثه، وذلك لأن الحكومات التي يفترض أنها تدافع عن تلك الحقوق تهتم بالواقع بالحفاظ على عمليات الصد، وهو ما يجعل فرونتكيس تحدّ من الانفتاح على تلك الأحداث”.